أي الخيارين هو الأكثر صوابًا؟ الحصول على إجابة ليس بالأمر السهل!
هل صادفت من قبل يومًا حين شعرت بوعكة، فذهبت للبحث في صندوق الأدوية لتجد الدواء المطلوب لكن سرعان ما تنتابك الحيرة حين تقع عيناك على تاريخ الصلاحية لتكتشف أن الدواء منتهي الصلاحية؟ طبقًا لشخصيتك، قد تقرر أنه عليك التخلص من الدواء على الفور واستبداله بجديد، أو قد تفكر بأنه لا بأس باستخدامه هذه المرة إن كنت لا ترغب بكلفة عناء الذهاب لشراء دواء جديد أو خسارة النقود!
ماذا يعني تاريخ انتهاء الصلاحية؟
لتحديد فترة الصلاحية، تقوم شركات الأدوية بعمل «اختبارات ثبات» لمنتجاتها الدوائية. وتتم هذه الاختبارات على مراحل مختلفة، حيث يتم تخزين الدواء في غرف خاصة لفترات معينة في درجات حرارة ورطوبة مختلفة تحاكي ظروف التخزين العادية والمتوسطة والمتطرفة (40°C +/- 2°C)، بهدف وضع الدواء تحت أقصى ظروف تخزين ممكنة يمكنها أن تسرع من تدهور المنتج خلال فترة قصيرة. ثم يتم أخذ عينات لتحليلها كل فترة، مثلاً بعد 0، 3، 6 أشهر، لرؤية التغيرات الطارئة على التركيبة الدوائية أثناء التخزين.
تمتد فترة الصلاحية لمعظم الأدوية من عامين إلى 5 أعوام كحد أقصى. ومع هذا، قد تمتلك العديد من الأدوية فترات صلاحية أطول من المقررة، فقط لا يوجد من يختبرها.
الأمر لا يخلو من المخاطر
تقول إليسا بيرنشتاين، نائب مدير مكتب المطابقة بإدارة الغذاء والدواء (FDA): «إن تاريخ انتهاء صلاحية الدواء جزء مهم في تقرير ما إذا كان المنتج آمنًا للاستخدام وسيعمل كما هو مرغوب».
الأدوية ما هي إلا مركبات كيميائية معرضة لأن تفسد بمرور الوقت وتغير الظروف المحيطة. وخطورة المنتجات منتهية الصلاحية تأتي من احتمالية حدوث تغيرات كيميائية أو فيزيائية بالتركيبة الدوائية قد يترتب عليه أن تصبح الكمية المتاحة من المادة الفعالة غير كافية لتحقيق الأثر العلاجي المطلوب. وقد يصبح الأمر شديد الخطورة إن تحول دواء منقذ للحياة لدواء غير فعال. على سبيل المثال، أقماع المينوفيللين المستخدم لعلاج ضيق التنفس في مرضى الربو وأمراض الجهاز التنفسي.
وقد يتكسر المركب الأصلي لمركبات جديدة قد تكون سامة أو مضرة بصحة المريض. ففي عام 1963، نُشر تقرير يربط بين استخدام دواء متحلل يحتوي على المضاد الحيوي «تتراسيكلين» وبين حدوث شكل من أشكال تلف الكلى يعرف باسم «متلازمة فانكوني» في ثلاثة من المرضى. ويقترح التقرير بأن مركبات epi-anhydrotetracycline و anhydrotetracycline الناتجة عن تحلل التتراسيكلين هي السبب، إلا أنه هناك بعض الجدل حول صحة نتائج هذا التقرير. إضافة إلى أن تلك التركيبة الدوائية لم تعد مستخدمة حاليًا بالولايات المتحدة.
ماذا عن أرض الواقع؟
«لا توجد تقارير منشورة عن حدوث تسمم بسبب ابتلاع، حقن، أو دهان تركيبة دوائية مستخدمة حاليًا بعد انتهاء تاريخ الصلاحية»، وذلك كما تقرر دراسة منشورة بصحيفة The Medical Letter on Drugs and Therapeutics عام 2016.
ففي دراسة أجراها مركز مكافحة السموم التابع لكلية الصيدلة جامعة كاليفورنيا عام 2012، تم فحص 8 أدوية (14 مادة فعالة مختلفة) بصيدلية بيع بالتجزئة، مر على انتهاء صلاحيتها مدة تتراوح من 28 إلى 40 سنة، وذلك بهدف اختبار فعاليتها الدوائية. واتضح من النتائج أن 86% من المواد الفعالة المختبرة احتفظت بفعاليتها الكاملة (أي موجودة بتركيزات ≥ 90%)، حتى أن ثلاثة منها كانت موجودة بتركيزات تتعدى الـ 110%.
وفي دراسة أخرى عام 2017، تم تقييم فعالية 40 قلم حقن Epipen، وهي أقلام تحتوي على هرمون الأدرينالين وتستخدم في تفاعلات الحساسية المهددة للحياة. وقد تبين أن جميع الأقلام كانت تحتوي على أكثر من 80% من الجرعة الأولية للأدرينالين، حتى بالنسبة للأقلام التي تعدت صلاحيتها تاريخ الانتهاء بأربع سنوات.
يقول الباحث الرئيسي للدراسة لي كانتريل: «لو كنت أنا الشخص شديد الحساسية للدغة النحل، سأرغب في أخذ دواء ينقذ حياتي. في الوقت ذاته إن كان قلم Epipen منتهي الصلاحية هو كل ما أملك، سوف أستخدمه. فهو أفضل من لا شيء»، وذلك بشرط أن المحلول ليس معكرًا أو أصفر اللون.
ومع هذا، لا يزال ينصح المرضى باستبدال الأقلام منتهية الصلاحية إن كانت الجديدة متاحة، لضمان السلامة. مع ضرورة أن يؤخذ الأمر في الاعتبار من قبل مصنعي الدواء، لإعادة تقييم تاريخ صلاحية المنتج والنظر في إمكانية إطالته. وهو ما حدث بالفعل في أغسطس 2018، حينما أعلنت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية عن مد تواريخ الصلاحية أربعة أشهر إضافية لبعض تشغيلات قلم Epipen منتهية الصلاحية أو تلك على وشك الانتهاء، كاستجابة للنقص المستمر للدواء في الأسواق.
فترة صلاحية قابلة للتعديل!
تأهبًا لحالات الطوارئ، كهجوم إرهابي، أو تفشي الإنفلونزا أو حدوث زلزال، تقوم الحكومات وبعض جهات القطاع الخاص بتخزين اللوازم الطبية اللازمة لمواجهة الموقف في حالة نفاد الإمدادات الطبية المتاحة. إلا أن استبدال هذا المخزون كل بضع سنوات بسبب انتهاء تاريخ صلاحيته، قد يتسبب في خسارة مالية كبيرة. هذا ما دفع وزارة الدفاع الأمريكية باتفاق مع إدارة الغذاء والدواء الأمريكية لإطلاق برنامج مد فترة الصلاحية (SLEP) عام 1986.
وعلى الرغم من البيانات الشاملة التي يوفرها البرنامج حول الفاعلية طويلة الأمد للعديد من الأدوية، فإن مد العمر الافتراضي للأدوية لا ينطبق على مخزون الأدوية القومي الموجود بالمستشفيات والصيدليات وفي حوزة المستهلك. ولا يزال صرف دواء منتهي الصلاحية في الولايات المتحدة الأمريكية وغيرها من الدول فعلاً غير قانوني تحاسب عليه السلطات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق